مساء الخير..النملة المزارعة ( Hanester
ants)
يزرع البشر منذ الآف السنين، والزارعة تسد أكبر قسم من احتياجات الغذاء في
العالم، يستخدم الناسُ تقنيات مختلفةً لزراعة أخصب، طور رجالُ العلم أساليب لزيادة
الخصوبة كاستخدام الأسمدة الكيماوية والأدوية الفعالة، بالإضافة إلى أنهم نجحوا في
الحصول على نتاج الفصول كلها بإنشائهم البيوت البلاستيكية
لكن هناك كائن ظل
يشتغل بالزراعة ويستخدم أرقى التقنيات قبل البشر منذ دهر طويل.... إنها النملة
المزارعة...
تعيش النملة المزارعة بين غابات الأمازون الاستوائية ،هذه النملة
تعمل في الزراعة منذ ملايين السنين، وتصل إلى تحقيق غايتها بعمل دءوب مرحلة مرحلة
بتخطيط وتعاون لا مثيل له.
في أول مرحلة من مراحل الإنتاج تقوم النملات العاملة
بمَهَمَّتِها خارج مملكتها...
حيث تقطع أوراق ونهاراً بدون أي توقف
وفي المرحلة الثانية تقوم بنقل الأوراق شجرة الغابات الاستوائية
التي قطعتها إلى مملكتها، تحمل
النملات قِطع الأوراق إلى مملكتها
ممسكة بها كشراع.
هذه العاملات الصغيرة قوية أكثر مما يتصورها الإنسان، وعلى
سبيل المقارنة فالواحدة منها تشبه إنساناً يحمل على ظهره (250كغ) راكضاً بسرعة
(1.5كم ) في الدقيقة، ليس بمقدور إي إنسان بنفسه أن ينجز مثل هذا العمل.
تعمل
النملات بتخطيط ونظام إلى درجة محيرة. من الضروري لها نقل الأوراق إلى مملكتها
تمهيداً للزراعة، ولأجل هذا يجب ألا تتعطل عملية النقل.
تُنشئ النملاتُ طريقاً
كثيرَ المَمرات لتسهيل عملية النقل.
الأعجب من هذا وجود منظمة مسؤولة عن إصلاح
وصيانة الطرق كما هو الحال عند البشر.
فهناك مجموعة من النمل موظفة تقوم
بإزالة العوائق عن الطريق، وهذه أخرى موظفة لمراقبة الطريق العام.
تتحرك
(خَمسمِئة ألف ) نملة تقريباً بهذه الأعمال كجسد واحد، وهذه المنظمة الضخمة قادرة
في أربع
وعشرين ساعة على قطع ونقل أوراق شجرة
كبيرة جداً.
تقطع النملات هذه كل أنواع النباتات وحتى الأزهار دون ملل ولا
توقف.
وعند مقارنة حجم النملة مع ما قطعتها من الأوراق بالنسبة لحجم الإنسان
يكون الذي قطعته النملات كجذع شجرة سميكة واسعة الأطراف.
يستخدم الإنسان في قطعه
للشجر آلات خاصة،أما النمل فقد وهبها الله تعالى آلة قطع خارقة التصميم.
تتكوَّن
آلة القطع هذه من سكينين مختلفين، وقد غُطي سطحُ السكاكين بالزنك لتأمين حدّ أدق
يوجد في آلة القطع هذه نظامٌ يُحيِّر العقول.
يوجد تحت رأس كل نملة مباشرة عضو
خاص يبث موجات صوتية ذات ترددٍ عالٍ
تُرسل هذه التردداتُ من السكين إلى
الورقة فتُهشِّم هذه الموجاتُ الورقةَ وتُسَهِّل
قطعَها[1]
فكيف استطاعت
النملة هذا المخلوق الضعيف أن يصنع مادة الزنك وكيف علم أن هذه المادة تقوم بزيادة
حِدة شفرات السكين التي يقص بها .
أم كيف تقوم بإصدار الموجات الصوتية أم كيف
عرفت أن هذه الموجات قادرة على تهشيم المواد الصلبة قبل أن يكتشفها الإنسان بملايين
السنين ومنذ أن خلقها الله تبارك وتعالى على هذه الأرض إنه الله مبدع الكائنات
.
لا تأكل النمل هذه الأوراق التي قطعتها من الأشجار لأنها لا تتغذى إلا على نوع
خاص من الفطر.
إذاً ماذا ستفعل بهذه الأوراق ؟ .. الجواب : مدهش
حقاً.
ستستخدم النملات هذه الأوراق كمادة أولية للزراعة وبفضل هذه المادة ستنتج
الفطر
ولهذه الغاية تقيم مئات المزراع للفطر داخل مملكتها.
هذه المزارع أُعدت
من قبل النملاتِ بشكل خاصٍ لزراعة الفطر حدد مساحة هذه المزرعة ورطوبتها
وحرارتها.
تسلّم النملاتُ العاملة الأوراق التي
قطعتها إلى النملاتِ الموظفةِ في المزرعة.
قبل أن تبدأ النملات التي تتسلم
الأوراقَ بمهماتها تقوم أولاً بتعقيمها ولهذا سبب مهم جداً، لأن دخول فطر غريب أو
بكتيريا للمملكة يسبب أضراراً بالغة
وهذا يعني خطر مرضٍ معدٍ لمستعمرةٍ ربما
تعيش فيها(500.000) نملةٍ.
إلا أن الله تعالى هيئ نظاماً خاصا جداً لحماية النمل
من هذا الخطر
تفرز من جسم النملة مادة يُرى فيها خصائص مضادات الالتهاب(أنتي
بيوتك)
حيث يقوم النمل بتعقيم نفسه حيث لا يبق في نهاية هذا العمل أيُّ بكتيريا
على الورقة
والبشر تكافح البكتيريا مثلما تكافح النملات تماماً.
لذلك تنتج
مواد (مضادات الالتهاب) في المختبرات إلا أن (مضادات الالتهاب)التي أنتجها النمل
أقوى بكثير، وتستخدمها منذ ملايين السنين.
بلا شك ليس لدى هذه الكائنات الصغيرة
علم بالبكتيريا أو بـ(مضادات الالتهاب) التي تمنع تكاثر البكتيريا، ولكن بفضل هذا
النظام الرائع الذي خلقه الله تعالى، لا تقدر جرثومةٌ ضارةٌ واحدة أن تأوي إلى جسم
النملة ولا البيئة التي تعيش فيها.
بعد الانتهاء من أعمال التعقيم تبدأ النملات
سوية بتقطيع الأوراق
بعد فصل الأوراق إلى قطع صغيرة يأتي دور أصغر
النملات.
هذه النملات في طول(2 مم) أي بحجم حبة رمل، وتمضي طوال حياتها في الغرف
الصغيرة تحت الأرض. حيث تقوم بنشرُ الأوراقَ التي مضغتها جيداً إلى مسحوق في حقل
الإنتاج، ثم تُخّمِّر الفطرَ على هذا
المسحوق[2]
يختفي اللون الأخضر للأوراق
تماماً في أربع وعشرين ساعة، وبعد يوم يغطى مسحوق الأوراق
بطبقات الفطر البيضاء النامية الذي
يدعى ( فطر عش الغراب ) .
و عند الحصاد تقوم مجموعة من النمل بجني المحصول حيث
تؤثر النملات التي تعمل بالحصاد زميلاتها على أنفسها وتجعل لها الأولوية، فتحمل
الفطر إلى النملات العاملة خارج غرف الحصاد.
وبهذا الأسلوب يُوزع الغذاء الذي
تحتاجه جميعُ النملات، من قاطعاتِ الأوراق التي تعمل في الخارج إلى المطحِّنات التي
تحول الأوراق إلى مسحوق.
وهكذا تعمل (500 ألف) نملة يومياً وعلى مدار السنة دون
توقف في تعاون وتكافل رائع.
تُنقل فضلات الأوراق التي فائدة من وجودها إلى خارج
الخلية .
هذه الكائنات النشيطة لا تعرف الراحة
ولا التشكي.
عندما تواجه مستعمرة النمل خطر ما نتيجة عدوان خارجي يتصدى لهذا
الهجوم نوع خاص من النمل إنها الأفراد المحاربة وتتميز عن غيرها أنها أثقل من
النملات الأخرى ب(300) ضعفاً، تقوم بالهجوم على كل شيء غريب في أطراف
المملكة.
حتى أنها تخرج من الخلية عند سمعها أي صوت غير طبيعي كصوت كحركة أقدام
إنسان .
تُعدُّ النحلات (الطنانة) أكبر عدوٍّ للنملات القاطعة للأوراق، تستطيع
النملةُ الدفاعَ بسهولة تجاه النحلة الطنانة بفضل فكيها القويتين.
ولكنها تبقى
دون دفاع تجاه أي هجوم مفاجئ أثناء حملها للورقة لأنها تمسك الورقة
بفكيها.
إذاًَ كيف يتحقق أمن النملة التي تحمل الورق ؟....
لهذا هداها الله
سبحانه وتعالى إلى أسلوب فريد للدفاع عن نفسها، للتعلق على كل ورقة من الأوراق التي
يتم نقلها نملة صغيرة وظيفتها فقط الدفاع حيال أي هجوم جوي مفاجىء يتهدد النملة
التي تحمل الورقة ..
تقوم هذه النملةُ الصغيرةُ بتكتيكٍ
دفاعي ذكي جداً، وفي نفس الوقت تعرض حياتها للخطر دفاعا عن النملة حاملة
الورق.
من ألهم هذه الحشرة النملة الصغيرة أن تضحي بنفسها من أجل حياة أختها ومن
أجل بقاء المستعمرة إنه الله تعالى .
كما ذكر
الدكتور رويال
ديكنسون أنه وجد في إحدى المستعمرات أن النمل زرع مساحة بلغت خمسة عشر متراً
مربعاً من الأرض حيث قامت جماعة من النمل بحرثها على أحسن ما يقتضي به علم الزراعة،
فبعضها زرع الأرز،
وجماعة أزالت الأعشاب، وغيرها قامت
بحراسة المزرعة من الديدان .
و لما بلغت عيدان الأرز نموها وكان يرى صفاً من
شغالة النمل لا ينقطع، يتجه إلى العيدان فيتسلقها إلى حب الأرز، فتنزع كل شغالة من
النمل حبة، وتنزل بها بسرعة إلى مخازن تحت الأرض.
و قد طلى العالم أفراد النمل
بالألوان، فوجد أن الفريق الواحد من النمل يذهب دائماً إلى العود الواحد حتى يفرغ
ما عليه من الأرز . ولما فرغ الحصاد هطل المطر أياماً وما إن انقطع حتى أسرع العالم
إلى مزرعة النمل ليتعرف أحواله فوجد البيوت تحت الأرض مزدحمة بالعمل . ووجد النملة
تخرج من عشها تحمل حبة الأرز وتذهب إلى العراء في جانب مائل من الأرض معرض للشمس،
وتضع حبتها لتجف من ماء المطر، وما إن انتصف النهار حتى كان الأرز قد جف وعادت
الشغالة به إلى مخازنه تحت الأرض